الجمعة، 18 أكتوبر 2013

قصة محاولة انتحار رجل .... اتحداك ان لا تعجبك



كيف انتحرت .. ********** بالرغم من أن نشر أخبار الانتحار في الجرائد شيء ممنوع، وبما أن الخبر خاص بانتحاري أنا ، فأتوقع
أن تفرح الأوساط الرسمية والجدية جداً ، لانتحار إنسان غير جدّي. في أحد الأيام كنت مصاباً بمرض الانتحار، حيث كان  الانتحار يخطر ببالي دائماً. انتحاري الأول كان هكذا. قلت لنفسي أيها العاشق اختر نوعاً من أنواع الموت ، بالمسدس ، بالسكين؟ الموت واحد ... وحتى يكون الموت مميزاً قررت أن أنتحر بالسم كالملوك القدماء. أخذت سماً مدهشاً. حبست نفسي في الغرفة ، ثم كتبت رسالة طويلة رومانسية قلت في نهايتها : " الوداع أيتها الدنيا الفانية ، الوداع أيها الزمن الملعون ، الوداع أيها الصدر الأعظم ..." بعد أن قلت هكذا ، شربت كأس السم دفعة واحدة , ثم تمددت على الأرض . وانتظرت ، الآن سيجف دمي وبعد قليل ستشل يديّ ورجليّ ، ولكن لم يحدث شيء لي ، شربت كأساً آخر من السم ، ومرة أخرى لم يحدث شيء , و أخيراً علمت أن المواد المغشوشة في هذا البلد ليست الحليب و الزيت والجبن فقط، بل السم مغشوش أيضاً.وهكذا فإن الانسان هنا لا يستطيع الانتحار حتى, كما يريد. و من جهتي فإني إذا وضعت شيئاً في رأسي فسأعمله بالتأكيد ، وفي هذه المرة قررت أن أطلق رصاصة على رأسي. وهكذا وضعت فوهة المسدس على رأسي وإصبعي على الزناد - طق. حاولت مرة ثانية أيضاً : - طق. مرة أخرى و أيضاً : - طق. و لكن ظهر أن هذا النوع من المسدسات أتى من أمريكا على هيئة مساعدات، و بدون قطع تبديل. و بعد أن عرفت عدم إمكانية الانتحار بالرصاص ، فكرت بالموت بالغاز لأن الموت بهذه الطريقة مضمون تماماً. من المعلوم و حسب ما أعرف فإن التسمم بالغاز يؤدي إلى موت شاعري. فتحت صنبور الغاز إلى آخر حد ، وكنت قد أغلقت جميع الثقوب في الغرفة، و تمددت على الكنبة ، وأخذت وضعية بحيث يجدوا جثتي وهي في منتهى الجدية ثم بدأت أنتظر عزرائيل أتى الظهر ثم المساء ولكني لم أمت في المساء دخل صديقي إلى الغرفة. صرخت : - لا تدخل - مالأمر؟ - أنا أموت. - أنت لا تموت ، أنت مجنون. شرحت لصديق عن المشروع ، ولكنه ضحك : - حقاً ،إنك غبي جداً ،فهذا الصنبور لا يخرج منه غاز بل هواء. و بعدها سألني : - هل تريد أن تنتحر حقاً؟ - طبعاً. - أرغب في مساعدتك . وبعد ذلك طلب مني أن أذهب إلى محل السكاكين وأشتري سكيناً من نوع بورصا ، ونصحني بأن أغمد السكين في بطني وأخرج أمعائي بيدي كالأبطال اليابانيين. شكرت صديقي لمساعدته، وذهبت مباشرة واشتريت سكين بورصا متينة، في الحقيقة إنه أمر غير جميل أن يمسك الانسان سكيناً و يمزق أمعاءه، لأن الأطباء الذين سيفحصون جثتي في المشفى ، لن يجدوا أي نوع من أنواع الغذاء في أمعائي وهذا بالطبع أمر محرج بالنسبة لي، ولكن فليكن ما يكون، وضعت السكين في جيبي و بينما أنا عائد إلى البيت مسروراً هجم علي شرطيان ، و بدأت أعرفهما عن نفسي: - يا سادة ، توقفوا ، استمعوا إلي للحظة ، أنا أدفع الضريبة بشكل منتظم، ولا أتكلم أي شيء بحق حكومتنا، رجل شريف مثلي.. و لكنهما قطعا حديثي في منتصفه ، عندما وجدوا السكين في جيبي وصاحا: - ما هذه ؟ إذاً ، أنا تورطت مع دورية من دوريات قسم مكافحة الجرائم، قلت لنفسي: - يا ربي ، نتيجة القرارات الصائبة في هذا البلد ، فإننا لا نستطيع أن نعيش ، ولا نتسطيع أن نموت أيضاً؟ هل سنبقى نتعذب دائماً هكذا؟ و لكن صاحب الإرادة والعزم يجب أن يكون مثلي ، فإذا قلت أنني سأموت فهذا يعني أنني سأموت حتماً. أخذت من الدكان حبلاً ثخيناً ، ولوح صابون ، صوبنت الحبل جيداً و ربطته في الحلقة الموجودة في السقف و أدخلت عنقي في عقدة المشنقة الزلاقة كمن يدخل إلى مصلحة الضرائب وأوقعت الكرسي من تحت قدمي ولكني سقطت أرضاً قبل أن أتأرجح مرة واحدة. الحبال أيضاً كانت تالفة ، وإيجاد حبال سليمة أمر غير ممكن ، قال لي صاحب المحل: - وهل يعقل أن تكون البضاعة سليمة ويبيعونها, لقد فهمت تماماً، أنه لا يوجد إمكانية للموت ، و قلت لأعيش إذاً على الأقل . و كما تعلمون ، فالحياة تبدأ من المعدة أولاً و هكذا أكلت بسطرما (لحم بارد) بالبيض و بعض المعلبات و المحاشي الكاذبة ، و بالإضافة لذلك أكلت المعكرونة وبعد ذلك ذهبت إلى محل حلويات وأكلت 5 ، 6 قطع من المعمول. و دخل إلى المحل بائع جرائد وبدأ يصرخ: - 16 صفحة ، إذا لم تقرأها غلف بها. لم يكن من عادتي قراءة الصحف المؤيدة للحزب الحاكم، قلت : لأقرأها و بينما أقرأ العناوين وجدت نفسي نائماً، شعرت بألم في بطني ، كطعنة السكين، ولكن كيف ... ألم لا يوصف ... لم أستطع التحمل أكثر من ذلك فبدأت أصرخ و أولول ، و بالكاد أخذوني في سيارة الاسعاف إلى المشفى مغمياً عليّ. لما فتحت عيني وجدت الطبيب فوق رأسي يسألني: - أنت مصاب بالتسمم ، لا يخفى شيء على الطبيب ، هل انتحرت؟ - أين تلك الأيام السعيدة يا دكتور ؟ أين هي؟ - أنا أقول أنك مصاب بالتسمم ، ماذا أكلت؟ - بسطرما. صرخ الطبيب: - ماذا ؟ هل أكلت بسطرما؟ أنت مجنون؟ و هل تؤكل البسطرما؟ ألم تقرأ الجرائد؟ إنها مليئة بأخبار المتسممين من البسطرما... ولكن هذا لا يشبه تسمم البسطرما، ماذا أكلت غير ذلك؟ - ذهبت إلى المطعم. - أنت مخبول. - في المطعم أكلت معلبات. - هكذا إذاً؟ و ماذا أكلت بعد؟ - معكرونة ومعمول... - طبعاً سوف تتسمم . معلبات، معكرونة ،معمول!.. و ماذا أيضاً؟ - و الله لم آكل شيئاً آخر ، بينما كنت أقرأ الجريدة المؤيدة للحكومة ... صرخ الطبيب: - ماذا؟ توجه بالدعاء إلى الله لأنك لم تمت , لقد مرت هذه المشكلة ببساطة هذه المرة. عندما خرجت من المشفى كنت أفكر : طيب نحن ماذا سنفعل ،
لا يتركوننا نموت ولا يتركوننا نعيش... ولكن بإمكاننا أن نزحف بكل سهولة إلى القبر. عزيز نيسين (أديب تركي)